السبت، 23 فبراير 2019


سلسلة مقالات .. روح الإسلام ..

المقال الأول .. العبادات وانعكاسها على المجتمع "مقدمة" ..


اليوم في عالمنا الاسلامي جميع المسلمين - بغالبيتهم الساحقة - يصلون ويصومون 
ويؤدون العبادات بالصورة التقليدية ولكن دون النظر إلى عمق هذه العبادات 
ومقاصدها ..

 إن كل شيء له جسد وروح والجسد هو الضاهر الشكلي والروح هو المضمون
والشكل  بدون مضمون ليس أكثر من جثة فالروح هو ما يعطي الشكل الحياة ..

إن المصباح بدون كهرباء مجرد خردة وكبسولة الدواء اذا أفرغ محتواها تصبح 
بلا فائدة والتربة اذا كانت بدون معادن وفيتامينات فلا يمكن أن ينمو فيها زرع ..

وللأسف هذا بالضبط مايحصل لدى أمة محمد عليه الصلاة والسلام فقد أخذنا 
الشكل بدون المضمون فأصبح لدينا قشر الإسلام وجثته بدون  روح الاسلام 
والنتيجة ما يرى وليس ما يقال وحال أمتنا خير شاهد ودليل ان مالدينا هو 
الشكل فقط من الاسلام دون المضمون ..

وسنأخذ نظرة خاطفة على الصلاة كمثال كونها أم العبادات وأعظمها لنوصل 
الفكرة على أن نفصل في كل العبادات في المقالات القادمة من هذه السلسلة .

إن الصلاة  عندما فرضها الله علينا لم يكن بحاجة لها فهو دون الحاجة لأحد إنما 
الصلاة في حقيقة الأمر لأجلنا ولمصلحتنا ونجاحنا في دنيانا وآخرتنا و لتنعكس 
فوائد الصلاة علينا نحن كمؤمنين والسؤال هنا ما هي فوائد الصلاة لنا ؟
في الأصل وكما هو معرف الصلاة هي صلة بين العبد والله عز وجل أي هي 
علاقة واتصال مع الله وهنا نسأل لم الصلاة بشكلها هذا هي صلة مع الله أليس 
الدعاء وذكر الله صلة ؟ ألا يستطيع الإنسان أي وقت الاتصال بربه عبر الدعاء 
والذكر ؟ لم هذه الصلاة بهذا الشكل والتوقيت بالذات ؟

يكون الجواب بأن الصلاة بهذا الشكل المعين ليست مجرد اتصال مع الله فالله عزو 
وجل قريب مجيب تستطيع خطابه أي وقت بدون إذن أو حاجب إنما هذه الصلاة 
بشكلها المحدد هذا هي دواء وعلاج ومنهج حياة ودرس رباني لتقويم سلوكنا 
وهذا هو حقيقة الصلة بالله .

فلننظر للصلاة بعمق ولنرى ..
سنكتفي هنا بأخذ مبتدأ الصلاة وختامها على أن نتوسع في المقالات القادمة .
كل صلاة كانت فرضا أو نفلا فإن مبتدأها الفاتحة وأساسها ، ولا صلاة بدون 
فاتحة وهذا الأمر عند جميع المذاهب والطوائف والاتجاهات الإسلامية ، فما هي 
الفاتحة ؟

وشرح الفاتحة يطول وسنكتفي هنا بأخذ الآية الأولى منها لنأخذ فكرة عن معناها .
تبدأ الفاتحة بالحمدلله رب العالمين وليس الحمدلله رب المسلمين أو رب المؤمنين
 إنما رب العالمين ، والسؤال لم ؟
ان الفاتحة كخطوة أولى و في آيتها الأولى تخرج الانسان من كل أشكال الطائفية 
المذهبية أو الدينية والعصبيات والقوميات فالله عز وجل يخبرك أنني أنا الله رب 
العالمين ولست رب طائفتك أو عشيرة أو مذهب أو قوم أو حتى دينك إنما ربهم 
 جميعا ..

وهنا نسأل أيضا لماذا قال رب العالمين ولم يقل إله العالمين ؟
الرب هو المسؤل عن التربية والإنماء والعناية وليس فقط حق العبودية فالإله هو 
صاحب حق العبودية أما الرب فهو المسؤل عن التربية والرعاية ، فكأن الله 
يقول .. أنا رب الجميع وكلهم رعيتي وتحيطهم عنايتي و من ناحية  المبدأ 
 والقاعدة يستوون كلهم عندي في الأصل (للتعقيب : ثم يتفاوتون بالعمل) .

فإذا لم يتعلم الإنسان من الفاتحة التي نقرأها في كل صلاة النظرة العالمية ونبذ 
العنصرية وأنهم كلهم تحت عناية الله واهتمامه وأن نقدر همونحترمهم لذلك فكأنه 
لم يقرأ الفاتحة بالمرة ..

أما آخر عمل في الصلاة فهو السلام وما أدراك ما السلام ..
فلينظر أحدنا للسلام الذي نختم به كل صلاة والذي تتفق عليه كل الطوائف 
الاسلامية ..
هنا نتساءل ..
لم لا يوجد السلام عليكم أيها المسلمون ورحمة وبركاته أو السلام عليكم أيها 
المؤمنون ورحمة الله وبركاته ..
لماذا فقط السلام عليكم "مبنية للمجهول" بدون أي تعيين ..
هذا بالتأكيد يعني شيئا واحدا فقط أن السلام للجميع بشرا وحجرا وحيوانات وهذا 
في الحقيقة امتداد لمعنى الحمدلله رب العالمين ..

وذلك يعني أن كل ما في الصلاة من ذكر وقرآن وشعائر يجب أن يقودك في 
النهاية للسلام مع الخلائق والا فإنك لم تعرف حقيقة الصلاة ..
إذا من صلى دون يخرج من الصلاة بهذين المعنيين فهو يصلي بدون روح 
الصلاة وكل شيء بدون روح إنما يكون جثة هامدة متعفنة .
لهذا على كثرة الصلاة والمصلين في أمتنا فلا نرى بركتها ..

وكذلك باقي العبادات يأتي عليها نفس الإسقاط فنحن نأخذ شكلها دون المضمون 
والمقصد .

والله ولي التوفيق ..



..أبوبكر حسن العيدروس..
-----------------------------------------------------------
للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا على الواتساب الوحدة الاسلامية
https://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoB

أو متابعتنا على مدونتنا على الانترنت "أمة واحدة"
https://ommehw.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق