السبت، 16 فبراير 2019


سلسلة مقالات : أهمية الوحدة الإسلامية ..
المقال الثاني .. خطر مقولة "الإختلاف بين المسلمين رحمة" ..

 
"الإختلاف بين المسلمين رحمة" تستخدم هذه الجملة كثيرا على ألسنة المسلمين لتبرير   الاختلاف الذي نشأ بين المسلمين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام والذي بدأ باسم المذاهب وتطور حتى أصبح المسلمون مجموعات متفرقة و توسع لاحقا بشكل تدريجي حتى أصبحنا على ما أصبحنا عليه أمة مشتتة مشرذمة يجمعنا الاسم والشكليات ويفرقنا الواقع  نتفرق في الدين وباسم الدين  ضاربين بعرض الحائط أصول الإسلام وروح الإسلام وسنة محمد عليه الصلاة قال تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ... (13) الشورى ) فقال عز وجل "أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" أي نهانا الله أن نتفرق في الدين أي أن نصبح فرقا في الدين وهذا بالضبط ما هو حاصل اليوم لدينا كمسلمين أننا جعلنا الدين فرق كل يتبع فرقة تاركين أوامر  الله القاطعة متمسكين بآراء أشخاص على حساب أوامر ربانية مباشرة فنعظم ونقدم اجتهادات بشر هنا وهناك على حساب مبادئ عظيمة في الدين كالوحدة وعدم التفرق نص عليها القرآن نصوصا جلية بينة
طبعا هذا لا يعني أننا نقول أنه يجب أن نتفق على كل شيء انما ما يجب أن لا يؤدي هذا الاختلاف إلى ضعف الأمة وانهيار تماسكها وترابطها وارتباطها الروحي  وخذلان المسلمين بعضهم لبعض وترك قضاياهم الاستراتيجية الى خلافات تافهه يتم تكبيرها عن حجمها وجعل قضايا الفرقة أو الطائفة التي ينتسب لها المسلم أعظم من قضايا الأمة  وعدم تنازل الطوائف بعضها لبعض في سبيل مصلحة الأمة وكل هذه الأنانية للأسف نراها مسيطرة على جميع الطوائف الاسلامية بلا استثناء تقريبا .
من الطبيعي أن يختلف البشر لإختلاف عقولهم ولكن لا يجب أن يتجاوز الإختلاف حده والأصل في أمر المسلمين الإجتماع وليس الإختلاف و الإسلام إنما أتى ليجمع البشرية تحت ظل الله فإذا لم يجتمع المسلمون فكأن الإسلام غير فعال وطبعا اللوم هنا ليس على الإسلام كمنهج إنما المطبقين لهذا المنهج أي المسلمون
وليكن فرضا أن اختلاف المسلمين رحمة فعند إذ سيكون اجتماع المسلمين أعظم الرحمة وحقيقة الرحمة وجوهر الرحمة فالأصل اجتماع الأمة وليس اختلافها
هناك من سيجيب على قولنا هذا بأن الأمة في الحقيقة متفقة على أغلب الأمور ونقول اذا كان هذا صحيحا وكان المسلمون متفقون فلماذا هم فرق وطوائف عديدة ليس بينهم عمل ولا تخطيط مشترك لما هو في صالح الأمة ولم الأمة ممزقة بهذا الشكل الفظيع ولم كل طائفة تقول أنها الطائفة الأفضل والأكثر هدى على حساب الآخرين ناسيين أنهم كلهم مجتهدون في النهاية ولم يهاجم شيوخ الطوائف بعضهم بعضا ويتنقص بعضهم من بعض
انتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى تاركا لنا أمة موحدة على محجة بيضاء ليلها كنهارها فغيرت الأمة وبدلت فابتكرت عذرا في مواجهة ذنبها وتفرقها بأن وصفت الفرقة - التي هي خطر على الاسلام وضد النهج المحمدي - بأنها رحمة بدل الاعتراف بالذنب ومحاربة من فرق الأمة وسعى في شتاتها سواء كان عن قصد أو عن جهالة
تركنا رسول الله وقد أسس مجتمعا عظيما متماسكا بدون أي طائفية أو عنصرية أو تفرق  أمة واحدة موحدة فأصبحوا على ما أصبحنا عليه وضيعنا ما أنجزه سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام
فإنما جآء رسول ليوحد البشرية وبدأ بالعرب حيث بعث فإذا عدنا طوائف واتجاهات متنافرة فما الفرق بيننا وبين العرب الجاهلين الذين كانوا مفرقة والذين أتى رسول بالإسلام ليجمعهم ويكونوا معا في طاعة الله
الإختلاف رحمة ولكن بشروط دقيقة وعديدة وليس بشكل مطلق أبرزها أن لا يؤدي هذا الاختلاف إلى شق جماعة المسلمين وأن لا يؤدي الإختلاف إلى أن ينظر الفرد بالتعظيم لطائفته على حساب الطوائف الأخرى وأن لا يرى مصلحة طائفته مقدمة على المصلحة الجماعية للأمة وأن لا يؤدي الإختلاف إلى أي نوع من تخالف القلوب أو استنقاص الطوائف الأخرى أو التنافر بين المسلمين وللأسف كل هذه النقاط موجودة في المسلمين لذا فالإختلاف الموجود حاليا بين المسلمين ليس اختلاف رحمة إنما هو اختلاف عذاب .
وعليه يجب أن نغير المقولة من "اختلاف المسلمين رحمة" إلى "اختلاف المسلمين فتنة" وأن اجتماعهم هو الرحمة وأن نثبت مفهوم الوحدة كأصل وأساس ومفهوم الإختلاف كإستثناء  وأن نسعى للم شتات أمتنا والحفاظ على ذمة محمد عليه الصلاة والسلام ووصيته في أمته بالسعي في توحيدها .
 

..أبوبكر حسن العيدروس..
 
---------------------------------------------------------------------
للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا الوحدة الاسلامية
https://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoB
أو متابعتنا على مدونتنا "أمة واحدة"
https://ommehw.blogspot.com/
x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق