الأحد، 17 مارس 2019





سلسلة مقالات .. روح الإسلام .. 
المقال الثاني : .. العبادات المعهودة و الخلافة في الأرض .. 

إن الإسلام ليس فقط مجرد شكليات وعبادات وأذكار فقط كما يفعل أغلب المسلمين - أو المفترض أن يكونوا مسلمين - ولكن الإسلام منظومة متكاملة تقوم بشكل تراتبي منظم يوزع المبادئ والأساسات والأولويات ويميز بين المقاصد وبين الوسائل و لا تشكل
العبادات المعروفة كالصلاة والصوم والزكاة إلا جزءا منها فقط ولا نستطيع الإكتفاء بها لنكون مسلمين ولكن عبر إكمال أجزاء المنظومة التي يتوزع عليها الإسلام نستطيع أن نكون مسلمين وذلك بداية بالمقاصد والأهداف ثم المبادئ والأساسات ثم الأدوات والوسائل وعند تحققنا بالإسلام كمنظومة متكاملة نستطيع أن نكون مسلمين بحق كما أرادنا الله عز وجل وليس كما نرى عموم المسلمين اليوم .
للأسف الشديد يعتقد الكثير من الناس أن الله أوجدنا في الأرض فقط لنصلي ونصوم وما إلى ذلك من العبادات المعروفة وهذا غير صحيح البتة وهذا سوء فهم خطير عن الإسلام ومن المفاهيم القاتلة التي تشربها أغلب المسلمون والتي كونت الحالة المزرية التي يعيشها المسلمون اليوم .
إن كل الكائنات مقرة بالعبودية لله وهي تسبح لله وتصلي ولكن نحن من لا ندرك ذلك قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) النور ) وقال تعالى ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء )
لذا فنحن عندما نصلي ونسبح إنما نحن فقط نستوي مع الحجر والشجر والحيوانات فكلهم يصلي ويسبح كل بطريقته .
و بما أن كل المخلوقات تعبد الله وتصلي وتسبح له عز وجل ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) بالإضافة الى أن الملائكة تصلي لله وتتعبد له بدون أن تعصيه فيجب أن نتساءل ما الذي لدى الإنسان ويجعله مختلفا عن الملائكة وعن هذه المخلوقات ؟ ما الذي يجعله يتميز عن سائر المخلوقات ؟
إذا كانت كل المخلوقات تصلي وتسبح فالإنسان ليس بينه وبين الحجر فرق اذا كان المعيار هو العبادة بشكلها المعهود ..
ونجد الجواب عن هذه التساؤلات في قوله تعالى " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً "
إنها الخلافة ..
وهنا يجب أن نبين أن الخلافة بالتأكيد ليست الصلاة والتسبيح والا كانت كل الأحجار في الأرض خلفاء فكلها تصلي وتسبح كل بطريقته ..
إن الله عز وجل عندما خلق ءادم لم يقل اني جاعل في الأرض متعبدا أو جاعل في الأرض مصليا أو مسبحا إنما قال خليفة أي أن مهمته الرئيسية هي الخلافة ولهذا قال الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)البقرة ) أي أن الصلاة هي عون لك لأداء مهمتك ألا وهي الخلافة في الأرض وليست الصلاة مقصدا بحد ذاتها فرأس العبادات لبني الإنسان في الأرض هي الخلافة ومالم تعنك باقي العبادات على أداء الخلافة فأنت كم يضع الماء في وعاء مثقوب .
إن أعظم مقاصد الإسلام هي خلافة الأرض قال تعالى (ِ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) فاطر)
وهنا في هذه الآية تكلم الله عز وجل عن الكفر بالخلافة أي جحود المهمة التي كلف الله الإنسان بها في الأرض والخلافة تعني الإنابة في أداء مهمة معينة أي إننا كخلفاء في الأرض فإن مهمتنا هي إدارتها والعناية بها وإعمارها وتنميتها ورعايتها ، وإنما أتت التشريعات لتعيينا على القيام بذلك ولتبين لنا الطريقة الأمثل ولتأطر لنا القالب الصحيح بدقة لأداء الخلافة .
نستنتج من كل ذلك أننا كخلفاء في الأرض فنحن المسؤولون عنها وعن كل ما فيها من مخلوقات ، وهذا يعني أننا يوم القيامة سنسأل - ليس فقط عن الصلاة والذكر والصوم - ولكن سنسأل عن هذه الأرض التي أستخلفنا فيها وهل قمنا بحق الخلافة فيها حقا وهل استعمرناها حق استعمارها وسنسأل عن البيئة ومن المسؤول عن تلويثها ومن المتسبب في ثقب طبقة الأوزون ومن الذي أهدر موارد البشر في الحروب ومما لا طائل منه و وكذلك سنسأل عن عقولنا و هل أعملناها في إصلاح حال الإنسان وتسخير ما سخر الله لنا من القوانين الفيزيائية والكيميائية وغيرها من القوانين الكونية وكذلك سنسأل عن موارد الأرض وهل استخدمنا الحجر لبناء مساجد تصدر الخير والرحمة ومعرفة الله وتصلح المجتمعات وتطفئ الفتن أم بنينا مساجداً ضراراً للصراعات الطائفية والمذهبية والرؤى الضيقة وهل بنينا مستشفيات تسكن فيها آلام المرضى لبني الإنسان وحتى الحيوان أم بنينا قصورا فارهة للملذات الشخصية ..
وكذلك سنسأل عن النفط والغاز والخشب والحديد والبلاستيك والجير و الليثيوم والكهرباء و الماء ..الخ الكثير الكثير وكل ما سخره الله لنا في الأرض ..
فهل كنا خلفاء حقيقين كما أرادنا الله ؟ هل قمنا بحق استخدام موارد الأرض في عمرانها و ازدهارها ؟ هل ناضل المسلمون لأجل إيقاف الحروب في العالم وتحويل ميزانيتها لبناء الأرض ورعاية الإنسان وتوعيته عوضا عن قتله ؟
للأسف فإن المسلمين اليوم أبعد ما يكونوا عن الخلافة وعن فحوى الإسلام وما لدينا اليوم كمسلمين هو فشل وكسل وتواكل وانعزال وتخاذل وطائفية وعنصرية وأنانية وكل هذا بإسم الإسلام والإسلام بريء من ذلك وحاشا لله أن يكون دينه مصدرا للفشل والكسل والخذلان والأنانية ..
والله ولي التوفيق ..


..أبوبكر حسن العيدروس..
17 / 3 / 2019 م
---------------------------------------------------------------------
للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا على واتساب "الوحدة الاسلامية"
https://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoB
أو متابعتنا على مدونتنا "أمة واحدة"
https://ommehw.blogspot.com/
أو الاشتراك في صفحتنا على فيسبوك "الوحدة الاسلامية - The Islamic unity"
https://www.facebook.com/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-The-Islamic-unity-355941505223866/

السبت، 23 فبراير 2019


سلسلة مقالات .. روح الإسلام ..

المقال الأول .. العبادات وانعكاسها على المجتمع "مقدمة" ..


اليوم في عالمنا الاسلامي جميع المسلمين - بغالبيتهم الساحقة - يصلون ويصومون 
ويؤدون العبادات بالصورة التقليدية ولكن دون النظر إلى عمق هذه العبادات 
ومقاصدها ..

 إن كل شيء له جسد وروح والجسد هو الضاهر الشكلي والروح هو المضمون
والشكل  بدون مضمون ليس أكثر من جثة فالروح هو ما يعطي الشكل الحياة ..

إن المصباح بدون كهرباء مجرد خردة وكبسولة الدواء اذا أفرغ محتواها تصبح 
بلا فائدة والتربة اذا كانت بدون معادن وفيتامينات فلا يمكن أن ينمو فيها زرع ..

وللأسف هذا بالضبط مايحصل لدى أمة محمد عليه الصلاة والسلام فقد أخذنا 
الشكل بدون المضمون فأصبح لدينا قشر الإسلام وجثته بدون  روح الاسلام 
والنتيجة ما يرى وليس ما يقال وحال أمتنا خير شاهد ودليل ان مالدينا هو 
الشكل فقط من الاسلام دون المضمون ..

وسنأخذ نظرة خاطفة على الصلاة كمثال كونها أم العبادات وأعظمها لنوصل 
الفكرة على أن نفصل في كل العبادات في المقالات القادمة من هذه السلسلة .

إن الصلاة  عندما فرضها الله علينا لم يكن بحاجة لها فهو دون الحاجة لأحد إنما 
الصلاة في حقيقة الأمر لأجلنا ولمصلحتنا ونجاحنا في دنيانا وآخرتنا و لتنعكس 
فوائد الصلاة علينا نحن كمؤمنين والسؤال هنا ما هي فوائد الصلاة لنا ؟
في الأصل وكما هو معرف الصلاة هي صلة بين العبد والله عز وجل أي هي 
علاقة واتصال مع الله وهنا نسأل لم الصلاة بشكلها هذا هي صلة مع الله أليس 
الدعاء وذكر الله صلة ؟ ألا يستطيع الإنسان أي وقت الاتصال بربه عبر الدعاء 
والذكر ؟ لم هذه الصلاة بهذا الشكل والتوقيت بالذات ؟

يكون الجواب بأن الصلاة بهذا الشكل المعين ليست مجرد اتصال مع الله فالله عزو 
وجل قريب مجيب تستطيع خطابه أي وقت بدون إذن أو حاجب إنما هذه الصلاة 
بشكلها المحدد هذا هي دواء وعلاج ومنهج حياة ودرس رباني لتقويم سلوكنا 
وهذا هو حقيقة الصلة بالله .

فلننظر للصلاة بعمق ولنرى ..
سنكتفي هنا بأخذ مبتدأ الصلاة وختامها على أن نتوسع في المقالات القادمة .
كل صلاة كانت فرضا أو نفلا فإن مبتدأها الفاتحة وأساسها ، ولا صلاة بدون 
فاتحة وهذا الأمر عند جميع المذاهب والطوائف والاتجاهات الإسلامية ، فما هي 
الفاتحة ؟

وشرح الفاتحة يطول وسنكتفي هنا بأخذ الآية الأولى منها لنأخذ فكرة عن معناها .
تبدأ الفاتحة بالحمدلله رب العالمين وليس الحمدلله رب المسلمين أو رب المؤمنين
 إنما رب العالمين ، والسؤال لم ؟
ان الفاتحة كخطوة أولى و في آيتها الأولى تخرج الانسان من كل أشكال الطائفية 
المذهبية أو الدينية والعصبيات والقوميات فالله عز وجل يخبرك أنني أنا الله رب 
العالمين ولست رب طائفتك أو عشيرة أو مذهب أو قوم أو حتى دينك إنما ربهم 
 جميعا ..

وهنا نسأل أيضا لماذا قال رب العالمين ولم يقل إله العالمين ؟
الرب هو المسؤل عن التربية والإنماء والعناية وليس فقط حق العبودية فالإله هو 
صاحب حق العبودية أما الرب فهو المسؤل عن التربية والرعاية ، فكأن الله 
يقول .. أنا رب الجميع وكلهم رعيتي وتحيطهم عنايتي و من ناحية  المبدأ 
 والقاعدة يستوون كلهم عندي في الأصل (للتعقيب : ثم يتفاوتون بالعمل) .

فإذا لم يتعلم الإنسان من الفاتحة التي نقرأها في كل صلاة النظرة العالمية ونبذ 
العنصرية وأنهم كلهم تحت عناية الله واهتمامه وأن نقدر همونحترمهم لذلك فكأنه 
لم يقرأ الفاتحة بالمرة ..

أما آخر عمل في الصلاة فهو السلام وما أدراك ما السلام ..
فلينظر أحدنا للسلام الذي نختم به كل صلاة والذي تتفق عليه كل الطوائف 
الاسلامية ..
هنا نتساءل ..
لم لا يوجد السلام عليكم أيها المسلمون ورحمة وبركاته أو السلام عليكم أيها 
المؤمنون ورحمة الله وبركاته ..
لماذا فقط السلام عليكم "مبنية للمجهول" بدون أي تعيين ..
هذا بالتأكيد يعني شيئا واحدا فقط أن السلام للجميع بشرا وحجرا وحيوانات وهذا 
في الحقيقة امتداد لمعنى الحمدلله رب العالمين ..

وذلك يعني أن كل ما في الصلاة من ذكر وقرآن وشعائر يجب أن يقودك في 
النهاية للسلام مع الخلائق والا فإنك لم تعرف حقيقة الصلاة ..
إذا من صلى دون يخرج من الصلاة بهذين المعنيين فهو يصلي بدون روح 
الصلاة وكل شيء بدون روح إنما يكون جثة هامدة متعفنة .
لهذا على كثرة الصلاة والمصلين في أمتنا فلا نرى بركتها ..

وكذلك باقي العبادات يأتي عليها نفس الإسقاط فنحن نأخذ شكلها دون المضمون 
والمقصد .

والله ولي التوفيق ..



..أبوبكر حسن العيدروس..
-----------------------------------------------------------
للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا على الواتساب الوحدة الاسلامية
https://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoB

أو متابعتنا على مدونتنا على الانترنت "أمة واحدة"
https://ommehw.blogspot.com/

السبت، 16 فبراير 2019


سلسلة مقالات : أهمية الوحدة الإسلامية ..
المقال الثاني .. خطر مقولة "الإختلاف بين المسلمين رحمة" ..

 
"الإختلاف بين المسلمين رحمة" تستخدم هذه الجملة كثيرا على ألسنة المسلمين لتبرير   الاختلاف الذي نشأ بين المسلمين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام والذي بدأ باسم المذاهب وتطور حتى أصبح المسلمون مجموعات متفرقة و توسع لاحقا بشكل تدريجي حتى أصبحنا على ما أصبحنا عليه أمة مشتتة مشرذمة يجمعنا الاسم والشكليات ويفرقنا الواقع  نتفرق في الدين وباسم الدين  ضاربين بعرض الحائط أصول الإسلام وروح الإسلام وسنة محمد عليه الصلاة قال تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ... (13) الشورى ) فقال عز وجل "أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" أي نهانا الله أن نتفرق في الدين أي أن نصبح فرقا في الدين وهذا بالضبط ما هو حاصل اليوم لدينا كمسلمين أننا جعلنا الدين فرق كل يتبع فرقة تاركين أوامر  الله القاطعة متمسكين بآراء أشخاص على حساب أوامر ربانية مباشرة فنعظم ونقدم اجتهادات بشر هنا وهناك على حساب مبادئ عظيمة في الدين كالوحدة وعدم التفرق نص عليها القرآن نصوصا جلية بينة
طبعا هذا لا يعني أننا نقول أنه يجب أن نتفق على كل شيء انما ما يجب أن لا يؤدي هذا الاختلاف إلى ضعف الأمة وانهيار تماسكها وترابطها وارتباطها الروحي  وخذلان المسلمين بعضهم لبعض وترك قضاياهم الاستراتيجية الى خلافات تافهه يتم تكبيرها عن حجمها وجعل قضايا الفرقة أو الطائفة التي ينتسب لها المسلم أعظم من قضايا الأمة  وعدم تنازل الطوائف بعضها لبعض في سبيل مصلحة الأمة وكل هذه الأنانية للأسف نراها مسيطرة على جميع الطوائف الاسلامية بلا استثناء تقريبا .
من الطبيعي أن يختلف البشر لإختلاف عقولهم ولكن لا يجب أن يتجاوز الإختلاف حده والأصل في أمر المسلمين الإجتماع وليس الإختلاف و الإسلام إنما أتى ليجمع البشرية تحت ظل الله فإذا لم يجتمع المسلمون فكأن الإسلام غير فعال وطبعا اللوم هنا ليس على الإسلام كمنهج إنما المطبقين لهذا المنهج أي المسلمون
وليكن فرضا أن اختلاف المسلمين رحمة فعند إذ سيكون اجتماع المسلمين أعظم الرحمة وحقيقة الرحمة وجوهر الرحمة فالأصل اجتماع الأمة وليس اختلافها
هناك من سيجيب على قولنا هذا بأن الأمة في الحقيقة متفقة على أغلب الأمور ونقول اذا كان هذا صحيحا وكان المسلمون متفقون فلماذا هم فرق وطوائف عديدة ليس بينهم عمل ولا تخطيط مشترك لما هو في صالح الأمة ولم الأمة ممزقة بهذا الشكل الفظيع ولم كل طائفة تقول أنها الطائفة الأفضل والأكثر هدى على حساب الآخرين ناسيين أنهم كلهم مجتهدون في النهاية ولم يهاجم شيوخ الطوائف بعضهم بعضا ويتنقص بعضهم من بعض
انتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى تاركا لنا أمة موحدة على محجة بيضاء ليلها كنهارها فغيرت الأمة وبدلت فابتكرت عذرا في مواجهة ذنبها وتفرقها بأن وصفت الفرقة - التي هي خطر على الاسلام وضد النهج المحمدي - بأنها رحمة بدل الاعتراف بالذنب ومحاربة من فرق الأمة وسعى في شتاتها سواء كان عن قصد أو عن جهالة
تركنا رسول الله وقد أسس مجتمعا عظيما متماسكا بدون أي طائفية أو عنصرية أو تفرق  أمة واحدة موحدة فأصبحوا على ما أصبحنا عليه وضيعنا ما أنجزه سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام
فإنما جآء رسول ليوحد البشرية وبدأ بالعرب حيث بعث فإذا عدنا طوائف واتجاهات متنافرة فما الفرق بيننا وبين العرب الجاهلين الذين كانوا مفرقة والذين أتى رسول بالإسلام ليجمعهم ويكونوا معا في طاعة الله
الإختلاف رحمة ولكن بشروط دقيقة وعديدة وليس بشكل مطلق أبرزها أن لا يؤدي هذا الاختلاف إلى شق جماعة المسلمين وأن لا يؤدي الإختلاف إلى أن ينظر الفرد بالتعظيم لطائفته على حساب الطوائف الأخرى وأن لا يرى مصلحة طائفته مقدمة على المصلحة الجماعية للأمة وأن لا يؤدي الإختلاف إلى أي نوع من تخالف القلوب أو استنقاص الطوائف الأخرى أو التنافر بين المسلمين وللأسف كل هذه النقاط موجودة في المسلمين لذا فالإختلاف الموجود حاليا بين المسلمين ليس اختلاف رحمة إنما هو اختلاف عذاب .
وعليه يجب أن نغير المقولة من "اختلاف المسلمين رحمة" إلى "اختلاف المسلمين فتنة" وأن اجتماعهم هو الرحمة وأن نثبت مفهوم الوحدة كأصل وأساس ومفهوم الإختلاف كإستثناء  وأن نسعى للم شتات أمتنا والحفاظ على ذمة محمد عليه الصلاة والسلام ووصيته في أمته بالسعي في توحيدها .
 

..أبوبكر حسن العيدروس..
 
---------------------------------------------------------------------
للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا الوحدة الاسلامية
https://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoB
أو متابعتنا على مدونتنا "أمة واحدة"
https://ommehw.blogspot.com/
x

سلسلة مقالات : أهمية الوحدة الاسلامية ؟ ..
المقال الأول .. لماذا الوحدة الاسلامية مهمة وأين تكمن أهميتها ؟ ..

 بداية وقبل أن نتكلم عن الوحدة الإسلامية وخطواتها العملية فيجب أن نتكلم عن أهميتها وموقعها في الدين وحياة   المسلمين ولم هي احتياج ضروري للمسلمين بعد ذلك نستطيع الانتقال إلى خطوات الوحدة الاسلامية العملية .إن أي مسلم في العالم اذا سأل عن أهمية الوحدة الاسلامية فسوف يجيب  بأن الوحدة الإسلامية مهمة جدا  ولكن السؤال الذي لن يجيب عن غالبية المسلمين - أو سيجيب عنه بشكل ناقص ومجتزئ ومحدود - لماذا الوحدة  الاسلامية مهمة وما مقدار أهميتها وأين المفترض أن تكون في سلم الأولويات لدى المسلمين .فهناك - من المسلمين - من يضعها كأولوية وهناك من يضعها كموضوع ثانوي يأتي لا حقا بعد مجموعة من الأوليات  وهذه السلسلة من المقالات تفصل في هذه التساؤلات والترتيب الصحيحة للوحدة الإسلامية كأولوية لدى المسلمين ومكامن أهميتها .إن وعي المسلمين أهمية الوحدة الاسلامية هي الخطوة العملية الأولى لتحقيق مشروع الوحدة الإسلامية وذلك لأن إرادة المخلوقات بشكل عام والإنسان بشكل خاص تتعلق بالوعي والوعي هو المولد الذي يعطي  الإرادة الطاقة     الكافية لأداء ما تريد القيام به .وأي فكرة لتنجح فتحتاج للطاقة التي تغذي الإرادة وكلما ازدادت أهمية الموضوع في الوعي كلما دفع  المزيد من  الطاقة وزود بها الإرادة . والوعي يرتب الأفكار والمواضيع فيه بحسب الأهمية فكلما ازدادت أهمية الفكرة والموضوع في الوعي ازدادت  الطاقة التي يصرفها لتقوية الإرادة ورفع عزيمتها لأداء  الموضوع وتطبيق الفكرة الموجودة فيه .وتكون زيادة أهمية  موضوع ما في الوعي عبر دراسة هذا الموضوع بشكل دقيق ومفصل دراسة عميقة تتجاوز  السطحية بفارق كبير جدافوعي الإنسان  لا يأخذ بالأفكار  السطحية ولا تثبت ولا تنجح فيه إلا الأفكار العميقة التي تأتي عبر الدراسة  التفصيلية الموسعة وهذا ما سنسعى للقيام به في هذه السلسلة من المقالات والتي نرجو أن تكون الخطوة الأولى في وحدة إسلامية حقيقية سنتبعها بالخطوات العملية الأخرى في سلاسل أخرى ان شاء الله عندما ننتهى من هذه  السلسلة .إن الوحدة الإسلامية ضرورة ملحة للمسلمين وهي شيء أساسي جدا وتكمن وتتمثل أهمية الوحدة الإسلامية في    مجموعة من النقاط سنخصص لكل واحدة منها مقالا مستقلا على الأقل وسنوضح كل نقطة بالشكل الكافي وأبرز النقاط هي :
1.  تمثيل الإسلام التمثيل الصحيح والدعوة إلى الله كأمة وليس كأفراد .
2. تكامل تطبيق الشرع الرباني الذي لا يمكن بدون وحدة اسلامية حقيقية .
3. الدفاع عن الحق والرسالة عبر وحدة الأمة و الدولة الأمينة الواحدة .
4. النمو الحقيقي للأمة والاستفادة التامة من مقدراتها عبر التكامل البشري والإقتصادي والإكتفاء الذاتي .
5.  تقنين مقدرات الأمة بسبب توحيد مقدرات الأمة وسياقات وخطط وعملها .
6. تحقيق الإزدهار التام في كل المجالات إقتصاديا وسياسيا وعلميا عبر التكامل وتحول الطاقات من الصراعات  الداخلية بين المسلمين والعمل المنفرد إلى العمل الجماعي المشترك الموحد و الذي لن يتحقق إلا بوحدة حقيقية .
7. إستقلال الأمة عن أي تبعية ثقافية أو إقتصادية أو غيرها عبر تكاملها ذاتيا بالوحدة الإسلامية .
8. إنهاء الصراع الدولي بين الأقطاب الدولية المتعددة عبر وجود قطب دولي عملاق - الأمة الإسلامية الموحدة - يسيطر على أبرز المناطق الحيوية والإستراتيجية في العالم يستطيع ضمان السلام للعالم عبر مقدراته الفكريه والثقافية والإقتصادية والبشرية وغيرها .
9. دفع عجلة النمو والتطور البشري بشكل هائل عبر تحويل كم هائل من القدرات الفكرية والإقتصادية والبشرية   التي تتصارع مع بعضها البعض - الكيانات والدول الإسلامية - إلى التعاون في الإنتاج والعلم .
10. تحول الأمة الإسلامية من أمة عالة على البشرية تستورد أغلب إحتياجاتها ولا تملك تكنلوجيتها الخاصة ولا   تملك انتاجا علميا حقيقيا مستقلا إلى أمة مصدرة للعلم والتكنلوجيا إلى عموم البشرية .
11. الوصول للإسلام الحقيقي الذي يبرز في الجمع بين "الحياة الروحية" - التي لا يستطيع المسلمون الوصول لها مع كون قلوبهم وعقولهم في شتات - و "الحياة المادية" - التي لا يستطيع المسلمون الوصول لها وقدراتهم العلمية والإقتصادية مشتتة ومسلطة على بعضهم البعض - .وهذه النقاط هي  عناوين فقط وسنخصص لكل واحدة منها مقال على الأقل نفصل فيه النقطة بشكل جلي .وعلى كل حال فهذه فقط جزء من النقاط التي تمثل أهمية الوحدة الإسلامية وسنتطرق للمزيد في المقالات القادمة  من هذه السلسلة .    

..أبوبكر حسن العيدروس..

---------------------------------------------------------------------

للمزيد من الاطلاع والتعمق الاشتراك في مجموعتنا الوحدة الاسلاميةhttps://chat.whatsapp.com/DlUjwMMY9ky9uRHA8RvfoBأو متابعتنا على مدونتنا "أمة واحدة"https://ommehw.blogspot.com/
x

الجمعة، 4 يناير 2019

البشرية .. بين نور الإسلام وظلمة المسلمين


ان الله عز وجل أنعم على  الانسان فخلقه من العدم وأوجده في هذه الحياة الواسعة وفي هذا الكون الرحيب الواسع الجميل ..
ثم أنعم باحدى اعظم النعم ..
أن جعله خليفته في الأرض ..
فماذا تعني كلمة خليفة ؟
للأسف مع ظهور أكثر الناس عدم فهما للاسلام "الدواعش" وعندما اطلقوا على أنفسهم "دولة الخلافة" فانما كان عليهم ان يسموا انفسهم دولة قتل الخلافة فالخلافة انما هي ترقية للانسان من مجرد مخلوق أوجد من العدم الى مخلوق مكرم ذو مهمة ليحيي الأرض ويدبر شئوونها عن رب العالمين وبأمره .
لذا فالخلافة تدبير لشئون الحياة واحياء للأرض وكرامة للإنسان ولكن فشل المسلمين في التجديد ومواجهة تحديات الحياة المتجددة وفشلهم في ايصال فكرة الخلافة الى غير المسلمين - التي لعلهم لم يفهموها هم - سمح بظهور أناس ساخطين على الحالة الحالية للأمة وللأسف ترجم سخطهم بشكل خاطئ واتخذو القوة والارهاب وسيلة للتغيير فزادت الطين بلة فالالتهاب اذا لم يعالج قد تتحول سرطانا قاتلا .
وعندما يرى غير المسلين هذه الحال البائسة فإنهم ينسبون فشل المسلمين في مواجهة هذه التحديات الى الاسلام نفسه وانه دين فاشل في مواجهة تحديات الحياة وتعقيداتها .
ان الاسلام في حقيقته كالشمس له نور تحيا به الارض ويستنير به الانسان ليبصر طريقه ولكن للأسف عوض أن يكون المسلمون كالسماء الصافية التي تمرر الى الانسان نور الشمس أصحبوا كالغيام الأسود الذي يحجب نور الاسلام عن البشرية .
ان اجسادنا تحتاج للنور لنستطيع الحياة والا نصبح عميا ولا نستطيع الحركة  فأعيننا بدون النور لا تستطيع الابصار ومهما كان بصر الانسان قويا وحادا اذا لم يكن هنالك نور فلن يستطيع الابصار بالمرة .
وكذلك أرواحنا وعقولنا فلتبصر وترى فتحتاج نورا لتستطيع أن ترى وكما تحتاج العين النور لتبصر فالروح والعقل تحتاج نورا لتستطيع الرؤية والا تكون عمياء  وكان الدين هو النور الذي جعله الله الشمس التي تنير أرواحنا وعقولنا كما جعل لأعيننا شمسا تنير دربها  .
لهذا بعث الله رسله هداة للبشرية وليشرقوا علينا بأنوار الدين لتجلو بصائرنا ونرى دربنا في هذه الحياة ولنعرف من اين جئنا والى اين نتجه وكي لا نتعثر بشيء أثناء سيرنا في الحياة و لنؤدي الخلافة حق أداءها دون أن نضل بين تعقيدات الحياة .
وملخص كل ذلك أن "الاسلام انما جعله الله لنا لينير درب الانسان ويصلح شأنه في الدنيا والآخرة وليستطيع ابصار عظمة الملكوت"
ولكن للاسف فاننا نرى شيئا آخر تماما فحملت الاسلام وممثلوه (المفترضون ؟) لا يعكسون تصورا سليما عن الاسلام نهائيا فالاسلام قضية مضمونة محاميها فاشل
فالمفترض أن يصلح الاسلام حياة الانسان وينير دربه وما نراه هو أن حياة المسلمين ليست صالحة بالمرة لا في أعمال الدنيا ولا في اعمال الآخرة فالأمة الاسلامية بالعموم متخلفة سواء في الحياة المادية أو الحياة الروحية بل وتعيش الأمة حالة خطيرة من العمى نراها تتجسد في الفتن التي تكاد لا تنطفئ في أرجاء الأمة .
وبالنسة للحياة المادية فإننا نرى المسلمين في آخر ركب الحضارة في التصنيع والعلم والانتاج ويستوردون أغلب احتياجاتهم حتى أصبحت الأمة مضرب المثل في التخلف بين الأمم وصرنا نستورد كل شيء من غذاءنا الى دواءنا الى التكنلوجيا ... والخ وهذا مالا  يخفى على أحد .
أما الحياة الروحية للمسلمين فهي أسوء وهي تدعو للاشفاق ..
فبدل انتشار الاخلاص لله والمحبة بين المسلمين فنرى الصراع والكراهية المنتشرة بين المسلمين وطوائفهم حتى اصبحت المنابر في كثير من الاحيان محلا ليتقاذف المسلمون التهم ويتنقص بعضهم من بعض والأسوء من ذلك التكبر والتعالي على الناس باسم الدين والدين من ذلك برآء وانما أتى الدين ليكسر جماح النفس ويهذبها .
هذا غير فتاوى التكفير والتفسيق وهلم جر من هذه الأمور وكذلك محاربة التجديد والاصرار على الرؤية السطحية والساذجة للاسلام .
وللأسف فإن هذه الحالة الرديئة لا ينعكس ضررها على المسلمين فقط انما تضر سمعة الاسلام أمام البشرية .
لذا فإن ما تراه البشرية اليوم ليس اسلاما فالاسلام نور يضيء الحياة ويصلح الانسان أما الظلمة والقتامة التي يعيشها المسلمون اليوم  فليس لها علاقة بالاسلام انما اخطاء ومساوئ بشرية كالتي يرتكبها كل البشر ولكنها تغلف باسم الاسلام  والاسلام منها براء 
ولو رأى غير المسلمون الاسلام بحقيقته فلن يبقى انسان على وجه الأرض يقف أي شيء حائل بينه وبين الاسلام ولو كانت أعتى القوى فالاسلام الحقيقي له نور يقشع كل ظلمات القلب والروح .
لذا فيجب على المسلمين اليوم أن يقلصوا حركة الدعوة لغير المسلمين وأن تركز الأمة على  أن تبدأ حملة داخلية تنظف و تنخل الأمة فيها نفسها وترمي فيها بالطائفية والمذهبية الى سلة القمامة والتخلص من كل النظرات الضيقة للاسلام والانتقال من الرؤية المحدودة للاسلام الى الرؤية العظيمة الواسعة التي تظهر حقيقة الاسلام ليشرق نور الاسلام من جديد على المسلمين وعلى البشرية وليكن عنوان هذه الحملة (( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(44)البقرة )) .
..أبوبكر حسن العيدروس..